تحليل: «قتال إسرائيل ليس كقتال طالبان»: لمحة من داخل إيران بعد حرب الاثني عشر يوماً
يمن فيوتشر - Jerusalem Post – Maariv Online | ترجمة خاصة  الأحد, 09 نوفمبر, 2025 - 02:15 مساءً
تحليل: «قتال إسرائيل ليس كقتال طالبان»: لمحة من داخل إيران بعد حرب الاثني عشر يوماً

عندما عاد الشاب الإيراني علي رضا طالقوب نجاد، المقيم في الولايات المتحدة، إلى بلاده بعد الحرب الدامية مع إسرائيل، رأى بلداً تغيّر جذرياً — بلداً يحمل جراحاً عميقة، ويُظهر قدراً جديداً من الاحترام المتردد لدقة الجيش الإسرائيلي، إلى جانب بوادر إصلاحات اجتماعية ناشئة.

في منشور شخصي مؤثر على منصة “إكس/تويتر” أواخر أكتوبر، كتب طالقوب نجاد مشاهداته قائلاً إن إيران اليوم مختلفة تماماً عن تلك التي غادرها سابقاً. وقد لخّص ملاحظاته في أربعة محاور رئيسية: تداعيات الحرب، وأوضاع المعيشة اليومية، والمواقف الشعبية من النظام، والتحولات في الأعراف الاجتماعية. لكنه شدد على أن التحول الأعمق في المجتمع الإيراني نبع من الداخل، لا من الخارج.

الحكومة تفقد ثقة شعبها

قال طالقوب نجاد إن انعدام الثقة بالحكومة بلغ مستويات غير مسبوقة. وأضاف:

“هذا ليس جديداً، لكنه تفاقم بشكل كبير مع أزمات الكهرباء والمياه، ثم جاءت الحرب لتكشف هشاشة النظام وضعفه.”

وأشار إلى أن الأوضاع المعيشية لم تكن يوماً بهذا السوء، مع انقطاعات المياه ليلاً والكهرباء في الصيف، وضبابٍ خانق غطى المدن الكبرى. وفي الأهواز، تسببت حرائق المستنقعات على الجانب العراقي بسحبٍ خانقة ومشكلاتٍ تنفسية واسعة.

أما التضخم، فقد بلغ مستويات لا تُحتمل، وتحولت السلع الأساسية إلى كماليات. وأصبحت الأسر تكافح لتأمين احتياجاتها، بينما يلجأ أصحاب الأعمال إلى الاقتراض وشراء الذهب لتسديد ديونهم، في ظل انهيار العملة وارتفاع الأسعار الجنوني.

وأوضح أن النظام يبدو مشلولاً: “حتى الأزمات الملحّة كأزمة المياه تُترك دون معالجة خوفاً من إشعال احتجاجات جديدة.” وأضاف أن الحكومة باتت تتجنب أي قرارات جذرية خشية تفجّر الغضب الشعبي.

وتابع:

“في عهد خاتمي كانت الحكومة تواجه أزمة وطنية كل تسعة أيام، أما اليوم فهي تواجه تسع أزمات في اليوم الواحد.”

ويرى طالقوب نجاد أن إيران تعيش حالة من الغموض المستمر: لا سلم حقيقي ولا حرب صريحة، كأنها عالقة في “يوم جرذ” يتكرر بلا نهاية.

ندوب الحرب العميقة

رغم أن طهران لم تُدمّر ظاهرياً، إلا أن الحرب تركت جراحاً نفسية غائرة. فالقصف على سجن إيفين ظلّ علامة فارقة، بعد مقتل فتاة أثناء زيارتها لوالدها المعتقل بسبب دينٍ غير مسدد.

يقول طالقوب نجاد إن كثيرين باتوا لا ينامون إلا بالأدوية، ويفزعون من أي صوت مرتفع. وعبارة “نريد أن نمحو تلك الأيام من ذاكرتنا” تكررت على ألسنة كثيرين.

ويروي أحدهم:

“خرجت صباحاً لشراء الخبز، ولم أسمع سوى زقزقة العصافير… كانت طهران خالية تماماً من البشر.”

لكن اللافت، كما يقول طالقوب نجاد، هو أن كثيرين باتوا ينظرون إلى إسرائيل باحترامٍ حذر:

“قال لي صديق مقرّب من الحكومة: القتال ضد إسرائيل ليس كقتال طالبان. الإسرائيليون يعرفون أهدافهم بدقة، كل ضربة كانت مقصودة ولها هدف واضح.”

ثورة هادئة في الشوارع

أبرز التغييرات، كما يصفها طالقوب نجاد، تتجلى في الحياة اليومية. فقد تلاشت تقريباً سياسات فرض الحجاب، حتى في المؤسسات الرسمية. يقول:

“هذه الحرية لم تُمنح من الحكومة، بل انتزعها الناس بثمنٍ باهظ، ولن يتنازلوا عنها أبداً.”

كما لاحظ اتساع مساحة الحرية للمثليين والمتحولين جنسياً في الأماكن العامة، وانتشار المظاهر الغربية في اللباس والعلاقات الاجتماعية. ويضيف: “كان مشهداً صادماً حتى بالنسبة لي.”

ومع تراجع الثقة بالمؤسسة الدينية، يتجه الإيرانيون نحو الروحانيات الصوفية والممارسات غير التقليدية. أما الجيل الأصغر، فيعيش إلى حدٍّ كبير ضمن ثقافة عالمية واحدة، متأثراً بالثقافة الشعبية الغربية من الموسيقى إلى الأوشام، دون خوف أو تكتّم.

ويرى طالقوب نجاد أن هذا التحول لا يمكن إيقافه، لأنه نابع من الناس أنفسهم لا من الدولة أو الخارج.

ويختم قائلاً:

“التغيير الحقيقي لن يأتي من القادة المنفيين أو الإصلاحيين، ولا من ترامب أو نتنياهو. إنه يأتي من الداخل، من الأسر، ومن قلب المجتمع الإيراني ذاته — وهذا هو التغيير الأعمق والأكثر دواماً.”

لقراءة المادة من موقعها الاصلي:

https://www.jpost.com/middle-east/iran-news/article-872583


التعليقات