تقرير: الحوثيون يتوغّلون في تجارة المخدرات
يمن فيوتشر - ترجمة خاصة عن The National Interest: السبت, 02 أغسطس, 2025 - 11:18 مساءً
تقرير: الحوثيون يتوغّلون في تجارة المخدرات

أدى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا إلى خلق فراغ في سوق تجارة المخدرات بالمنطقة، لكن نفي “ملك الكبتاغون” لم يُنهِ وجود هذا المخدر، ولا تصنيعه أو تداوله، وبالطبع لم يُقلل من الطلب عليه.
وقد وجدت جماعة الحوثي — المعروفة بعدم تفويتها لأي فرصة مربحة — في هذا الوضع فرصة سانحة للاستغلال. فللجماعة تاريخ طويل في زراعة وبيع نبتة القات، وهي مادة منبّهة شائعة في اليمن. واليوم، يتجه الحوثيون، المدعومون من إيران، نحو الانخراط في تجارة الكبتاغون غير المشروعة، وهي التجارة التي لطالما دعمت بقاء النظام السوري السابق.
ومؤخرًا، صادرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا نحو 1.5 مليون حبة كبتاغون كانت في طريقها إلى السعودية قادمة من مناطق يسيطر عليها الحوثيون. ووفقًا لتقارير، تتراوح أسعار هذه الحبوب في السعودية بين 6 و27 دولارًا للحبة الواحدة، حسب “جودتها”. وقد تواصلت عمليات الضبط طوال شهر يوليو/ تموز، حيث اعترضت السلطات اليمنية عشرات الآلاف من الحبوب في عدة حملات متفرقة.

ومع تراجع عدد معامل تصنيع الكبتاغون في سوريا، بدأ الحوثيون بإنتاجه بأنفسهم داخل اليمن. وتوفّر الحدود الطويلة نسبيًا وغير المحكمة مع السعودية منفذًا واسعًا للحوثيين نحو سوق استهلاكي ضخم للكبتاغون وغيره من المخدرات. ويمكن للجماعة استخدام العائدات من هذه التجارة في تمويل شراء الصواريخ والذخائر التي تُستخدم في مهاجمة إسرائيل وحلفائها، بما في ذلك القواعد الأمريكية في المنطقة.

ومن الواضح أن تجارة الكبتاغون ما تزال نشطة ومزدهرة، ولا يزال للولايات المتحدة دور تؤديه في مكافحة تجارة المخدرات الإقليمية، التي امتدت الآن إلى ما هو أبعد من حدود الشرق الأوسط. فقد شهدت إيطاليا واحدة من أكبر عمليات ضبط الكبتاغون على الإطلاق، عندما صادرت السلطات هناك في عام 2020 نحو 84 مليون حبة كبتاغون، بقيمة تُقدّر بحوالي 1.1 مليار دولار، في ميناء ساليرنو.

ورغم أن الكبتاغون لم يصل بعد إلى الأراضي الأمريكية، إلا أن الولايات المتحدة ليست بمنأى عن تداعيات هذه الشبكات، إذ ترتبط شبكات تهريب المخدرات العالمية بين الشرق الأوسط والغرب. ففي وقت سابق من هذا الشهر، صادرت السلطات الإماراتية 131 كيلوجرامًا من مواد مخدرة ومؤثرات عقلية مجهولة، تم تهريبها من كندا عبر إسبانيا إلى الإمارات.

وقد أحرزت واشنطن تقدمًا ملحوظًا في جهودها لمكافحة تجارة المخدرات الإقليمية خلال الأشهر التي سبقت هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث أصدرت إدارة بايدن عدة حزم من العقوبات المرتبطة بالكبتاغون، ونشرت استراتيجية أقرّها الكونغرس تهدف إلى “تفكيك وتعطيل” الشبكات المرتبطة بالنظام السوري.

لكن مع تصاعد الحرب في غزة، تباطأت هذه الجهود، رغم إعلان وزارة الخزانة الأمريكية في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 عن عقوبات جديدة استهدفت عددًا من مهربي الكبتاغون.

واليوم، هناك مؤشرات متزايدة على أن اليمن قد يكون في طريقه ليُصبح مركزًا جديدًا لإنتاج الكبتاغون. فعلى الرغم من أن الكميات المضبوطة في اليمن لا تزال محدودة مقارنةً بدول أخرى في الشرق الأوسط، إلا أن جماعة الحوثي تسعى بوضوح إلى توسيع حصتها في هذه السوق المربحة.

ففي عام 2023، أفادت صحيفة الشرق الأوسط أن الجماعة الحوثية حصلت على مواد تُستخدم في إنشاء منشأة لإنتاج الكبتاغون. وفي نهاية يونيو/ حزيران 2025، أعلن اللواء مطهر الشعيبي، مدير أمن العاصمة المؤقتة عدن التابعة للحكومة الشرعية، أن الحوثيين قد أنشأوا بالفعل منشأة لإنتاج الكبتاغون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. ومن جانبه، أوضح وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، أن ذلك تم بالتنسيق مع النظام الإيراني.

وليس من الواقعي الاعتقاد بأن سقوط نظام الأسد يعني أن بإمكان واشنطن تخفيف الضغط على سوريا. فعلى الرغم من تعهّد الزعيم الجديد، أحمد الشرع، بـ”تطهير” البلاد، لا تزال كميات كبيرة من الكبتاغون تتدفق عبر الأراضي السورية إلى الأردن ومنطقة الخليج العربي.

ومنذ سقوط الأسد، أبدت إدارة الرئيس دونالد ترامب حرصًا على إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي. ففي 30 يونيو/ حزيران، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا برفع العقوبات عن سوريا. ومع أن الأمر أبقى على العقوبات المفروضة على بشار الأسد ومعاونيه، ومنتهكي حقوق الإنسان، ومهربي الكبتاغون، إلا أن الاكتفاء بالإجراءات السابقة لم يعد كافيًا.

وكما تُظهر عمليات الضبط الأخيرة في اليمن، فإن تجارة الكبتاغون العالمية لم تكن مرتبطة ببشار الأسد وحده، ولم تنتهِ برحيله. ويتعيّن على واشنطن مراقبة ظهور مراكز إنتاج جديدة في اليمن، مع إدراك أن شبكات المخدرات في سوريا ولبنان لا تزال نشطة.
ويمكن لصنّاع السياسات مواصلة محاسبة المتورطين في تجارة المخدرات من خلال فرض عقوبات جديدة، والبناء على الخطوات التي حددتها استراتيجية إدارة بايدن متعددة الوكالات في هذا المجال.
ففي ظل غياب إجراءات محدّثة ومستمرة من جانب واشنطن، ستظل تجارة الكبتاغون قائمة، حتى لو تغيّر اللاعبون الرئيسيون فيها.

 

لقراءة المادة من موقعها الاصلي: 

https://nationalinterest.org/blog/middle-east-watch/the-houthis-are-breaking-into-the-drug-trade


التعليقات