تشير صور الأقمار الاصطناعية إلى أن الضربات الإسرائيلية المتكررة على الموانئ اليمنية الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي لم تُحدث تأثيراً يُذكر على سير العمليات فيها.
فرغم تعرّض خطوط الأنابيب للتعطيل، استمرّت شحنات الوقود في الوصول إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران، إذ تمكنت الجماعة من إيجاد وسائل بديلة لتأمين الإمدادات، وفقاً لما تظهره التحليلات.
وقد شنّت إسرائيل أحدث هجماتها في ساعات الليل من يوم 6 يوليو/تموز، مستهدفة بغارات جوية موانئ البحر الأحمر: الحديدة، رأس عيسى، والصليف، بالإضافة إلى محطة كهرباء رأس كنيتب، وسفينة الشحن “غالاكسي ليدر”، التي اختطفها الحوثيون في عام 2023 وتقول إسرائيل إنها كانت تُستخدم لمراقبة حركة الشحن الدولي.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وغزة، دأب الحوثيون على مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، معلنين أن تلك الهجمات تأتي تضامناً مع الشعب الفلسطيني.
وفي هذا التقرير، تستعرض صحيفة ذا ناشيونال الأهداف التي استهدفتها إسرائيل، ومدى تأثير – أو محدودية تأثير – تلك الضربات على البنية التحتية الحوثية.
• الحديدة – الميناء الأكبر للحوثيين
تعرّضت الحديدة، بوابة الحوثيين الرئيسية إلى البحر الأحمر، لعدة ضربات منذ يوليو/تموز 2024. وتُظهر صور التُقطت بالأقمار الاصطناعية في 4 يوليو/تموز 2025 وجود أضرار كبيرة ناجمة عن فوهات القصف، ما أدى بلا شك إلى التأثير سلباً على عمليات تزويد الوقود وتقييدها.
• تأثير الضربات الإسرائيلية على الصليف، ورأس عيسى، ورأس كنيتب – 7 يوليو/تموز 2025
• ميناء الصليف: استهدفت الضربات طول الرصيف البحري بالكامل. وعلى الرغم من الأضرار، لا تزال سفن الشحن راسية في الميناء.
• محطة رأس عيسى: استهدفت الغارات خزانات الوقود وسفينة “غالاكسي ليدر” المختطفة، والموجودة في الميناء.
• محطة كهرباء رأس كنيتب: تُظهر صور الأقمار الاصطناعية أضراراً جديدة على ما يبدو أنها وحدات التوليد الرئيسية.
وتُظهر بيانات الأقمار الاصطناعية بتقنية الزمن المتسلسل من يوليو/تموز 2024 إلى يوليو/تموز 2025 أن شحنات الوقود إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين لم تتوقف، إذ تواصل السفن رسوّها، كما تم اللجوء إلى وسائل تفريغ بديلة لتجاوز البنية التحتية المتضررة.
وقال براء شيبان، الباحث البارز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) في لندن:
“الشحنات الكبرى تأثرت بشكل ملموس، لكن الحوثيين يتأقلمون. فهم يستخدمون أرصفة بديلة، أو حتى مجرد أنبوب وصهريج لنقل النفط.”
• نقل الوقود في عرض البحر
تقوم بعض الناقلات المرتبطة بالحوثيين، مثل “فالينتي” و”VLCC Yemen”، بعمليات نقل وقود في عرض البحر، وهي استراتيجية تتيح لهم تجاوز استخدام الموانئ تماماً. وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية سفناً راسية جنباً إلى جنب قبالة سواحل الحديدة.
وعلى الرغم من استهداف البنية التحتية للموانئ، فإن معظم القدرات العسكرية وقواعد النفوذ التابعة للحوثيين ما تزال متمركزة في الداخل اليمني، دون أن تُمس. وقد أثار محللون تساؤلات بشأن القيمة الاستراتيجية طويلة المدى للنهج الإسرائيلي.
وقال شيبان: “الأهداف العسكرية الإسرائيلية تبدو غامضة للغاية، ومن غير الواضح تماماً ما الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه من خلال هذه الضربات.”
وأضاف: “إذا كان الهدف هو القضاء على التهديد الحوثي في الوقت الراهن، فمن المؤكد أنهم لم ينجحوا. فالحوثيون سيواصلون الهجمات، وسيواصلون استهداف إسرائيل. أما إذا كان الهدف هو مجرد توجيه رسالة مفادها أن إسرائيل قادرة على الضرب – أي كرادع – فيمكن القول نعم، لقد أوصلوا تلك الرسالة مراراً. لكن بالنسبة للحوثيين، فإن الخطر الحقيقي يكمن في فقدان الأراضي، وهو أمر لا يحدث حالياً.”
⸻
• رمزية ومزعزِعة، لكنها غير حاسمة
رغم استمرار الحملات الجوية المكثفة، يواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ ومهاجمة السفن في البحر الأحمر.
فقد تم إغراق سفينتين خلال نحو أسبوع من الهجمات الحوثية: “ماجيك سيز” في 6 يوليو/تموز، و”إيترنيتي سي” في 9 يوليو/تموز. وبينما تم إنقاذ جميع أفراد طاقم “ماجيك سيز” البالغ عددهم 22 شخصاً، يُعتقد أن أربعة من أفراد طاقم “إيترنيتي سي” البالغ عددهم 25 قد لقوا حتفهم، ولا يزال 11 آخرون في عداد المفقودين.
ومع استمرار حركة شحن الوقود، وقدرة الحوثيين على التكيّف البحري، تطرح قدرة الجماعة على الصمود تساؤلات بشأن فاعلية الحملة الجوية الإسرائيلية. فبالرغم من أن الضربات تحمل طابعاً رمزياً وتُحدث إرباكاً، فإنها لم تُحدث حتى الآن تغييراً جوهرياً في القدرات التشغيلية للجماعة المسلحة.
لقراءة المادة من موقعها الاصلي: