تلقت الرئاسة السورية يوم الأحد التقرير النهائي الذي أعدته لجنة تقصي الحقائق المكلفة بالتحقيق في أحداث العنف التي استهدفت أبناء الطائفة العلوية في منطقة الساحل خلال شهر آذار/مارس، مؤكدة التزامها باتخاذ إجراءات تهدف إلى "منع تكرار الانتهاكات".
وكانت منطقة الساحل ذات الأغلبية العلوية قد عاشت ابتداء من السادس من آذار ولمدة ثلاثة أيام، موجة من أعمال العنف ذات خلفية طائفية.
وقد حملت السلطات مسؤولية تأجيج هذه الهجمات الدامية لمسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد، الأمر الذي أسفر عن سقوط عشرات القتلى في صفوفهم.
أعقب ذلك إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة؛ حيث أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن القوات الحكومية والمجموعات الرديفة ارتكبت مجازر وعمليات "إعدام ميدانية"، مما أدى إلى سقوط نحو 1700 مدني، معظمهم من الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد.
وورد في بيان صادر عن الرئاسة السورية أنه "تم استلام التقرير الكامل للجنة الوطنية المستقلة المكلفة بكشف ملابسات والتحقيق في الأحداث التي شهدها الساحل السوري في أوائل شهر آذار/مارس".
كما جاء في البيان أن الرئاسة "ستقوم بدراسة النتائج التي وردت في التقرير بعناية فائقة لضمان اتخاذ إجراءات تعزز الحقيقة والعدالة والمساءلة وتمنع تكرار الانتهاكات في مثل هذه الأحداث، تماشيا مع مسار بناء سوريا الجديدة".
ولم يتطرق البيان إلى تفاصيل نتائج التحقيق، لكنه دعا اللجنة إلى عقد مؤتمر صحفي لعرض نتائج أعمالها "إذا ارتأت ذلك مناسبا".
وأوضحت الرئاسة أن الغاية من تشكيل اللجنة هي ضمان السير في "مسار لا مجال فيه لأي انتهاكات أو محاولات لطمس الحقيقة"، سواء بالنسبة لأحداث الساحل أو وقائع أخرى في البلاد.
تفيد شهادات ناجين ووثائق من منظمات حقوقية ودولية بأن عائلات بكاملها فقدت حياتها خلال أحداث العنف، بما في ذلك نساء وأطفال ومسنون. كما اقتحم مسلحون منازل عدة وطرحوا على السكان أسئلة طائفية قبل أن ينفذوا القتل أو يصدروا العفو.
ورصدت مقاطع فيديو نشرها المسلحون أنفسهم عمليات قتل لأشخاص بلباس مدني عبر إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة، بعد إهانتهم والاعتداء عليهم بالضرب.
وكان تشكيل لجنة التحقيق قد تم بقرار من الرئيس الشرع في التاسع من آذار/مارس، وكان عليها إنجاز عملها خلال شهر، قبل أن تمدد المهلة حتى العاشر من تموز/يوليو.
وكانت منظمة العفو الدولية السلطات السورية قد دعت في وقت سابق إلى إعلان نتائج التحقيق كاملة، مع ضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
ويأتي تسلم الرئاسة السورية لتقرير اللجنة حول أحداث الساحل، في وقت أبدى فيه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، يوم السبت، التزامه بحماية الأقليات ومحاسبة جميع "مرتكبي الانتهاكات أيا كانت الجهة"، وذلك في أعقاب أحداث عنف مشابهة شهدتها محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، وراح ضحيتها أكثر من ألف شخص خلال أسبوع واحد بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومنذ اندلاع الاشتباكات يوم الأحد بين مسلحين دروز وآخرين من البدو – والتي تدخلت فيها لاحقا القوات الحكومية ومقاتلو العشائر من جانب البدو – وثق المرصد مقتل 336 مقاتلا درزيا و298 مدنيا من الدروز بينهم 194 "أعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية". في المقابل، قتل 342 عنصرا من وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، بالإضافة إلى 21 من أبناء العشائر البدوية، بينهم ثلاثة مدنيون "أعدموا ميدانيا على يد المسلحين الدروز".
ومع تصاعد أعمال العنف ذات الخلفيات الطائفية التي طالت أطيافا عدة، يوجه سكان محليون اتهامات لقوات الأمن وفصائل قريبة من السلطات بارتكاب انتهاكات، من ضمنها عمليات خطف لبعض النساء العلويات في الساحل، وإعدامات ميدانية متقطعة في مناطق متفرقة من البلاد.