تعرضت سفينة شحن ترفع علم ليبيريا لإطلاق نار يوم الاثنين في البحر الأحمر، حيث أُصيب حارسان أمنيان على متنها، وفُقد اثنان آخران، في هجوم أعقب إعلان الحوثيين في اليمن أنهم أغرقوا سفينة أخرى في هجوم مشابه.
وكان الحوثيون قد أعلنوا في وقت سابق أنهم هاجموا ناقلة الحبوب "ماجيك سيز" (Magic Seas)، المملوكة لليونان وترفع أيضًا علم ليبيريا، باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ وقذائف "آر بي جي" وأسلحة خفيفة، يوم الأحد، ما أجبر طاقمها المكون من 22 شخصًا على مغادرتها.
أثار الهجومان، إلى جانب غارات جوية إسرائيلية فجر الاثنين استهدفت الحوثيين، مخاوف من استئناف حملة الحوثيين ضد الملاحة في البحر الأحمر، ما قد يدفع القوات الأميركية والغربية مجددًا إلى التدخل، خاصة بعد أن كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد استهدفت الحوثيين بحملة غارات جوية واسعة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت حساس في الشرق الأوسط، إذ لا يزال التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس معلقًا، فيما تدرس إيران ما إذا كانت ستستأنف المفاوضات بشأن برنامجها النووي بعد غارات جوية أميركية استهدفت مواقعها النووية الحساسة خلال الحرب الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية في يونيو. وكان من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس ترامب في البيت الأبيض يوم الاثنين.
•هجمات السفن تضرب البحر الأحمر
ذكرت شركة الأمن الخاصة "أمبري" أن الهجوم الأخير وقع مساء الاثنين، وأوضحت أن السفينة كانت متجهة شمالًا نحو قناة السويس عندما تعرضت لهجوم من قبل رجال في قوارب صغيرة وطائرات مسيّرة محملة بالمتفجرات. وأطلق حراس الأمن على متن السفينة النار دفاعًا عنها.
وقالت الشركة: "أُبلغ عن تعطل محركات السفينة، ولاحظت أمبري أن السفينة بدأت تنجرف".
لم ترد تفاصيل إضافية فورًا عن الهجوم، لكن المركز البريطاني لعمليات التجارة البحرية (UKMTO) أكد وقوعه. وأشارت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين إلى الهجوم، دون أن تتبناه الجماعة بشكل مباشر.
من جهته، قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، معمر الإرياني، إن الحوثيين نفذوا الهجوم الثاني أيضًا. وتسيطر الجماعة على شمال اليمن والعاصمة صنعاء.
وقال القيادة المركزية الأميركية إنها على علم بالتقارير المتعلقة بالهجوم، لكنها رفضت التعليق.
وقع هجوم يوم الأحد على سفينة "ماجيك سيز" – وهي ناقلة حبوب كانت متجهة شمالًا نحو قناة السويس – على بُعد نحو 100 كيلومتر جنوب غرب ميناء الحديدة، الخاضع لسيطرة الحوثيين، وهو نفس موقع هجوم مساء الاثنين.
وذكر مركز UKMTO أن طاقم الأمن المسلح على متن السفينة رد على الهجوم الأول بالأسلحة النارية وقذائف "آر بي جي"، لكن السفينة أصيبت لاحقًا بمقذوفات، ما أدى إلى تسرب المياه إليها وإخلاء الطاقم، الذين تم إنقاذهم بواسطة سفينة مارة.
وقالت قوة "أتلانتا" الأوروبية لمكافحة القرصنة إن 22 بحارًا كانوا على متن "ماجيك سيز".
وفي وقت لاحق، أعلنت الإمارات أن إحدى سفنها التابعة لموانئ أبوظبي تلقت نداء استغاثة وساهمت في إنقاذ طاقم السفينة.
وزعم المتحدث العسكري للحوثيين، العميد يحيى سريع، مسؤولية جماعته عن هجوم الأحد، موضحًا أنهم استخدموا صواريخ وزوارق مسيّرة مفخخة لاستهداف السفينة.
وقال سريع: "عملياتنا مستمرة في استهداف عمق الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، ومنع الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي... حتى يتوقف العدوان على غزة ويرفع الحصار عنها".
ولم يرد ملاك السفينة على طلب للتعليق. وأشار سريع لاحقًا إلى أن السفينة غرقت يوم الاثنين في البحر الأحمر.
•غارات إسرائيلية تستهدف موانئ حوثية
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شن غارات فجر الاثنين استهدفت موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى جانب محطة كهرباء رأس كنيتب. ونشر الجيش فيديو لطائرة "إف-16" تقلع من إسرائيل لتنفيذ الهجوم، الذي جاء عقب تحذير أصدره الجيش الإسرائيلي في المنطقة.
وقال الجيش الإسرائيلي: "تُستخدم هذه الموانئ من قبل النظام الإرهابي الحوثي لنقل الأسلحة من النظام الإيراني، والتي تُستخدم لتنفيذ عمليات إرهابية ضد دولة إسرائيل وحلفائها".
كما أعلن الجيش الإسرائيلي استهداف سفينة "جالاكسي ليدر"، وهي سفينة شحن سيارات استولى عليها الحوثيون في نوفمبر 2023 عند بدء هجماتهم في البحر الأحمر.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن الحوثيين نصبوا نظام رادار على متن السفينة، ويستخدمونه لتعقب السفن في المياه الدولية بغرض تسهيل المزيد من الأنشطة الإرهابية.
وترفع السفينة "جالاكسي ليدر" علم جزر البهاما، وكانت مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي وتُشغّل من قبل شركة يابانية.
واعترف الحوثيون بالضربات، لكنهم لم يحددوا حجم الأضرار الناتجة عنها.
وشنّت إسرائيل مرارًا هجمات على مواقع الحوثيين، بما في ذلك غارة بحرية في يونيو. ورغم أن إسرائيل والولايات المتحدة شنّتا في السابق هجمات على موانئ في اليمن – منها هجوم أميركي في أبريل أسفر عن مقتل 74 شخصًا – إلا أن إسرائيل باتت الآن تتحرك منفردة ضد الحوثيين مع استمرارهم في استهدافها بالصواريخ.
وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بشن مزيد من الضربات قائلًا: "ما ينطبق على إيران ينطبق على اليمن... كل من يرفع يده ضد إسرائيل سيُقطع، وسيواصل الحوثيون دفع ثمن باهظ لأفعالهم".
ورد الحوثيون على ذلك على ما يبدو بهجوم صاروخي على إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه حاول اعتراض صاروخين أطلقهما الحوثيون، ويبدو أنهما أصابا أهدافًا، دون وقوع إصابات.
وأكد يحيى سريع يوم الاثنين إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة نحو إسرائيل.
•هجمات الحوثيين بسبب حرب إسرائيل على حماس
شن الحوثيون سلسلة هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على سفن تجارية وعسكرية في المنطقة، في إطار ما تقول قيادتهم إنه محاولة لإنهاء الهجوم الإسرائيلي على حماس في غزة.
بين نوفمبر 2023 ويناير 2025، استهدفت الجماعة أكثر من 100 سفينة تجارية، أغرقت اثنتين منها وقتلت أربعة بحارة. وأدت حملتهم إلى تراجع كبير في حركة التجارة عبر البحر الأحمر، الذي تمر عبره بضائع تُقدّر قيمتها بنحو تريليون دولار سنويًا. ورغم أن حركة الملاحة لا تزال دون المستوى المعتاد، إلا أنها شهدت تحسنًا خلال الأسابيع الأخيرة.
وكان الحوثيون قد أوقفوا هجماتهم مؤقتًا بعد أن شنت الولايات المتحدة هجومًا واسعًا عليهم في منتصف مارس، استمر لأسابيع. ومنذ ذلك الحين، لم يهاجموا أي سفينة، رغم أنهم واصلوا بين الحين والآخر إطلاق صواريخ على إسرائيل.