حذر رئيس غرفة عدن التجارية والصناعية، نائب رئيس الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية أبوبكر باعبيد، في مقابلة مع "العربي الجديد"، من الفجوة في سلاسل الإمداد، بين المتوفر حالياً من المخزون السلعي والذي بدأ ينفد وبين المستورد.
وقال باعبيد، وهو عضو اللجنة الوطنية العليا لتنظيم وتمويل الاستيراد، إن المرحلة الأولى من الطلبات التي أجازتها اللجنة قليلة جداً بحوالي 36.6 مليون دولار، وهذا لا يساوي شيئاً مقارنة بالاحتياجات والمتوفر من المخزون الاستراتيجي، مشيراً إلى أن أسباب الغلاء ترجع لانهيار العملة وفقدان السيطرة على سوق الصرف وعقبات الاستيراد والرسوم المتعددة. كما تحدث عن المضايقات التي يتعرض لها القطاع الخاص وتجار الحروب. وفيما يلي نص الحوار:
- كيف تنظرون للقرارات المتتالية الصادرة عن البنك المركزي والحكومة المتعلقة بتنظيم وتمويل الاستيراد؟ وهل يتم التشاور معكم حول ما يصدر من قرارات؟
رغم ما نمر به من ظروف استثنائية، ننظر إليها بإيجابية، وخاصة ما يتعلق بقرار تشكيل لجنة خاصة بتنظيم وتمويل الاستيراد، صحيح أن هذا القرار تأخر كثيراً لكنه جاء، وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي.
اللجنة يفترض أن تكون خطوة مهمة لتصحيح الوضع المالي والنقدي وإنقاذ العملة من الانهيار، وتحدد الاستيراد بشكل منظم، وتتابع حركة الأموال المتداولة، وأنا عضو فيها ممثلاً للقطاع الخاص، حيث عقدنا عديد الاجتماعات، والأمور تمضي حتى الآن بشكل مناسب.
آخر قرار تم اتخاذه من اللجنة مهم للغاية، حيث تمت الموافقة على 91 طلب استيراد بقيمة تصل إلى نحو 39.6 مليون دولار، والتي ستتم عبر 15 بنكاً وثلاث شركات صرافة، ضمن الآلية الجديدة الملزمة باستيراد السلع عبر النظام البنكي المعتمد.
أما بالنسبة للتشاور معنا من قبل الحكومة فهو ضعيف جداً، لكن بعدما تشكلت اللجنة وتم تمثيل القطاع الخاص فيها أصبح هناك نوع من تواصل، وينبغي في هذا السياق أن يكون هناك تشاور وتنسيق مع القطاع الخاص خلال الفترة القادمة.
- هل ترون أنكم بصفتكم قطاعاً خاصاً تتعرضون لابتزاز ومضايقات بسبب الحملات الأمنية التي تم تنفيذها في عدن ومدن أخرى لضبط أسعار السلع بالقوة مع تحسن سعر صرف العملة المحلية؟
نعم تعرض القطاع الخاص لمضايقات شديدة، وهذا يرجع إلى ضعف وقلة توعية لدى المعنيين المكلفين بمراقبة الأسواق والأسعار، لكننا فوجئنا في القطاع الخاص بهذه الحملات والمضايقات وما رافقها من تصرفات غير لائقة في التعامل.
القطاع الخاص تحمل على عاتقه مهام جسيمة خلال فترات صعبة، ولم يكن للحكومة أي وجود حقيقي، واجهنا تحديات وصعوبات وما زلنا نقاوم للقيام بمهامنا ومسؤولياتنا تجاه البلاد والمواطنين وتوفير احتياجات الأسوق، إضافة إلى القيام بأعمال إغاثية وغيرها بالنظر إلى الفراغ الذي وجدنا أنفسنا نعمل فيه خلال فترات عديدة سابقة.
- ماذا عن حال الاسواق؟ وما مدى قدرة الأسواق على تلبية احتياجات المواطن؟ وماذا عن السلع التي تشهد نقصاً في الأسواق؟
الأسواق تشهد توفراً للسلع الغذائية في الوقت الراهن، لأنه لدينا مخزون سلعي، المشكلة ليست هنا بل في الفجوة المقلقة في سلاسل الإمداد، بين المتوفر حالياً والذي بدأ ينفد وبين القادم المستورد إلى الأسواق والذي يعتبر كمية قليلة جداً لا تغطي الاحتياجات، وأيضاً مستوى الطلبات للفترة القادمة.
بمعنى أكثر وضوحاً نحن نتحدث هنا عن ثلاث مراحل؛ المتوفر في الأسواق، والذي في الشحن، وفي الطلبات المقدمة للاستيراد خلال الفترة القادمة، لذا فالفجوة هنا مقلقة لأن الكمية القادمة غير كافية ولا تلبي احتياجات الأسواق.
مقابل ذلك، هناك نظام جديد متمثل باللجنة الوطنية للاستيراد المعلن عنها حديثاً، فالطلبات لا تزال في المراحل الأولى لأن هناك متغيرات حصلت، تتمثل أهمها بالتحسن الذي طرأ في سعر صرف العملة المحلية، والذي تلته عملية تقديم طلبات المصارفة للاستيراد والبت فيها، لذا فإن المرحلة الأولى من الطلبات التي أجازتها اللجنة قليلة جداً، حوالي 36 مليون دولار، وهذا المبلغ الخاص بهذه الطلبات لا يساوي شيئاً بالنسبة للاحتياجات والمخزون الاستراتيجي.
- ما أسباب قفزات الأسعار، وخاصة أن هناك من يتهم القطاع الخاص بأنه المتسبب الرئيسي بالغلاء ورفع الأسعار؟
السبب الأهم في قفزات الأسعار معروف؛ كان هناك انهيار في العملة وخرج الأمر عن سيطرة البنك المركزي الذي لم يستطع التحكم أيضاً بالعملات الصعبة، وبالمشتريات، وبسوق الصرف والتداول النقدي، إضافة إلى ذلك لم يكن هناك ضبط للاستيراد؛ لذا كانت هناك قفزات في الأسعار بسبب انهيار العملة بالدرجة الأولى.
لكن كما نلاحظ فإن القطاع الخاص هو المتهم، وهذا أمر مستغرب، بمعنى أنه كيف يمكن للتاجر أن يبيع سلعه بأسعار مرتفعة في ظروف قد تؤدي إلى كسادها وخسارته.
إلى جانب مشكلة العملة، تأتي الرسوم والجبايات، لذا يتم العمل على الحد منها للتقليل من التكاليف، إضافة إلى تكاليف التأمين على الشحن التجاري، وهي ما نسعى مع الحكومة لتخفيضها.
- هناك من يرى أن القطاع الخاص التجاري مستفيد من الوضع المضطرب في العملة المحلية وسعر الصرف حيث يتحكم جزء من القطاع الخاص بالسيولة من العملات الأجنبية، وكذلك في الاستفادة من امتيازات كبيرة في السحب من الودائع السابقة التي تم تخصيصها لتمويل الاستيراد... فما رأيكم؟
الكلام عن أن القطاع الخاص مستفيد من ذلك غير صحيح، كيف يمكن أن يستفيد القطاع الخاص والتجار من وضعية عملة مضطربة ومنهارة! فهذا اتهام مجحف بحق القطاع الخاص.
طبعاً في أوقات الحروب والصراعات هناك من يستفيد من فئة تجار الحروب، لكن التجار الذين لهم باع طويل في التجارة بالعكس لا يستفيدون بل يتضررون. لا يوجد تاجر يسعى لتوزيع بضائعه بأسعار مرتفعة وحال القوة الشرائية ضعيف والوضع المعيشي للمواطن مترد، فمن يشتري منه في هذه الحالة؟
لذا، فنحن مع الإصلاحات الاقتصادية والنقدية والمصرفية ومع أي جهود لاستقرار سعر صرف العملة المحلية، وأن يكون سعراً مناسباً جداً يستطيع من خلاله التجار تسويق بضائعهم وبيعها، وفي الوقت نفسه يستطيع المواطن الشراء بأسعار مناسبة له.
طبعاً عملية تمويل الاستيراد غير واضحة لنا في القطاع الخاص حتى الآن، لكن هناك حركة وجهوداً يقوم بها البنك المركزي في هذا الخصوص لتنظيم وتمويل الاستيراد.
- ما الصعوبات والتحديات التي تواجهونها جراء اضطراب الممرات الدولية التجارية وارتفاع تكاليف خطوط الشحن التجاري؟
الاضطرابات في البحر الأحمر أثرت كثيراً على القطاع الخاص وعلى سلاسل الإمداد، وتسبب ما يجري في ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، والوضع زاد اضطراباً خلال الفترة الماضية بالتحديد، بصورة تزيد الأعباء على القطاع الخاص بشكل كبير.
هناك وضع طارئ دفع التجار لاتباع الطرق المناسبة للاستيراد، تم اتباع عديد الطرق لمواجهة هذا الوضع الطارئ، منها توجه كثير من التجار للاستيراد عبر سلطنة عمان ومنافذ أخرى، وهناك عديد الواردات تصل بطرق قانونية وشرعية، لكن بكميات أقل بسبب استخدام مراكب وقوارب صغيرة بعد أن تذهب لموانئ أخرى قريبة، وتحميلها بعد ذلك في شاحنات.
طبعاً لا يشمل ذلك معظم خطوط الشحن والاستيراد التي يتم اتباعها في هذه الحالات الطارئة، لأن هناك واردات تصل بصورة مباشرة إلى الموانئ الأخرى في المناطق الحكومية، لكن بكلفة أعلى ترهق التجار والمستوردين، ونحن بصدد دراسة هذا الوضع مع المسؤولين في مؤسسة الموانئ الحكومية ووزارة النقل لإيجاد حل لهذه الإشكالية.
- هل تتجهون للتشاور مع الحكومة وتقديم رؤية للعمل المشترك في ضوء المتغيرات التي يشهدها اليمن على الصعيد المصرفي والنقدي والمالي والتجاري؟
نراقب الوضع عن كثب، فهناك إجراءات وجهود عملت الحكومة على تنفيذها خلال الأيام القليلة الماضية في جانب ضبط السوق المصرفي والنقدي، وهناك أهمية بالغة لاستقرار العملة، حيث تعتبر من الأساسيات التي يبحث عنها المستثمرون لتحديد ما لهم وما عليهم، بحيث تكون لهم القدرة على تحديد تكاليف مشاريعهم الاستثمارية والرسوم التي عليهم دفعها. الأهم إجمالاً أن العجلة بدأت بالدوران ونتمنى أن تستمر، وسنرى ما إذا كان سيتم إيقافها في مرحلة من المراحل، ففي هذه الحالة يجب استشعار ما مر به الجميع، خاصة المواطنين من معاناة بسبب كل ذلك.